إن هذا السلوك الاجتماعي الشائن يعكر على أفراد المجتمع المسلم صفو علاقتهم ويكدر صفاء مبادئهم؛ فلا يسلم الاعتقاد بأفضلية المسلم وتساويه في الحقوق مع أخيه المسلم مع الاستهزاء به والسخرية منه، فكان لا بد من توجيه قرآني يلفت الانتباه إلى أصل الرابطة الإيمانية المشتركة بقوله تعالى:"يأيها الذين آمنوا " ثم يأتي النهي بلون تعبيري مميز :"لا يسخر قوم من قوم "، " ولا نساء من نساء " لأن السخرية تغلب فيها المشاركة، فناسب أن يأتي النهي بهذا اللون(١)، كما ناسب إفراد النساء عن الرجال في النهي لأمرين؛ أحدهما كثرة وقوع ذلك منهن فكان عطفهن على القوم – وإن كن داخلات فيهم أصلاً – من باب عطف الخاص على العام لبيان شدة الاهتمام بنهيهن عن هذا السلوك، والثاني – أشار إليه صاحب قواعد التدبر الأمثل – أن فيه إشارة إلى أن النساء لا يخالطن الرجال في المجالس الاجتماعية فناسب تذكير ونهي كلٍ على حدة.(٢)
والسخرية منافية لخلق المسلم لأن فيها استعلاءً بغير الحق، ولذلك نبهت الآية الكريمة على ذلك :"عسى أن يكونوا خيراً منهم"، أي الخيرية الشرعية، فذلك الذي تسخر منه لأمر دنيوي قد يكون خيراً منك في المعيار الشرعي فيكون استعلاؤك عليه تقديم لأمر الدنيا على أمر الآخرة، وتقديم لهوى النفس على معيار الشرع والعياذ بالله، هذا بالإضافة إلى ما تحدثه هذه السخرية من غلٍ في النفوس وشرٍ بين الناس حتى إن الله علم نبيه ﷺ والمسلمين أن يستعيذوا به من هذا الشر ؛ قال سبحانه :" ومن شر حاسدٍ إذا حسد"(٣)
ثانياً وثالثاً: النهي عن اللمز وعن التنابز بالألقاب:
(٢) المرجع السابق، بتصرف
(٣) سورة الفلق – آية ٥