واللمز في اللغة العيب والإشارة بالعين ونحوها(١)، والمعنى في قوله تعالى:" ولا تلمزوا أنفسكم"(٢)أي لا يلمز بعضكم بعضاً، وذلك كقوله تعالى:"ولا تقتلوا أنفسكم"(٣)أي لا يقتل بعضكم بعضاً(٤). وفي هذا الأسلوب التعبيري ما يشير إلى أن من لمز وعاب أخاه المسلم فكأنما لمز وعاب نفسه، وهذا قبيح مرغوبٌ عنه، فوجب ترفُّع المرء عنه تماماً كما يترفع عن كشف مساويه وعيوبه للناس وإن كانت فيه في نفس الأمر. ولقد ورد الوعيد الشديد لمن قارف هذه القبيحة في موضعٍ آخر من القرآن الكريم حيث قال تعالى:"ويلٌ لكل هُمزة لُمزة"(٥)، وعدَّ هذه الخصلة من جملة الخصال الذميمة حيث قال :"هماز مشاء بنميم"(٦)
أما النبز لغةً اللمز، ونبّزه ينبّزه : يلقبه، والتنابز : التعاير والتداعي بالألقاب(٧). و "تنابز" على وزن تفاعل، وهو يشير إلى تبادل الفعل بين جانبين، فهو فعل تغلب فيه المشاركة لأن من نبز غيره بلقب رد عليه المنبز بلقب آخر غالباً، ولهذا جاء التعبير في النهي بصيغة :" ولا تنابزوا بالألقاب" لأنه أقرب إلى حكاية الواقع.
ولقد نفَّرت السورة الكريمة من هاتين الخصلتين القبيحتين بوصف من تلبس بهما بالفسوق، وبينت أنه لا يليق بمن منَّ الله عليه بوصف الإيمان أن يعدل عنه إلى وصف الفسوق فقال تعالى:" بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان"(٨)
رابعاً: النهي عن الظن السيء بالمؤمنين:
(٢) سورة الحجرات – آية ١١
(٣) سورة النساء – آية ٢٩
(٤) الجامع لأحكام القرآن – القرطبي – ٢٧٨/١٦
(٥) سورة الهمزة – آية ١
(٦) سورة القلم – آية ١١
(٧) القاموس المحيط – الفيروزآبادي
(٨) سورة الحجرات – آية ١١