لا شك أن منظومة الآداب التي عرضتها السورة على قصرها وإيجازها تشكل توجيهاً تربوياً معجزاً في حد ذاته، إلا أن حقيقة الإعجاز – في نظري – تتمثل في الأساليب التي قررت السورة من خلالها هذه الآداب لتترسخ حقائق ثابتة مستقرة في الضمير الإسلامي بحيث لا يكون انخرامها إلا نتيجة زلةٍ أو كبوةٍ عابرة، ولسوف أعرض هاهنا بعض معالم المنهج القرآني في هذه السورة التي تم من خلالها هذا التوجيه لتكتمل منظومة الإعجاز التربوي لهذه السورة العظيمة.
المطلب الأول: وسائل تعزيز التوجيهات التربوية والأخلاقية :
لقد تعددت وسائل التوجيه التربوي في هذه السورة الكريمة، ولم يكن هذا التعدد مجرد تنويع لغرض التنويع، وإنما غاية التوافق بين الغاية التربوية والطبيعة البشرية وفيما يلي إشارات عابرة لجملة من تلك الوسائل :
أولاً: الترغيب والترهيب:
إذا تأملنا مجموع الآيات التي ضمت الآداب والضوابط المتقدمة ظهرت لنا مجموعة من إشارات الترهيب والترغيب التي تذيل تلك الآيات بحيث تعمل مجتمعةً على تحقيق منظومة متزنة من الدوافع والموانع التي تدفع الفرد المسلم والمجتمع نحو السلوك المرغوب فيه وتحجزه عن السلوك المرغوب عنه.