ولعل من أصرح العبارات القرآنية في هذا السياق قوله تعالى:" يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنُّوا عليَّ إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين"(١)، وهنا نكتة دقيقة وهي أنه لما ذكر امتنان الأعراب بالاستجابة لدعوة الرسول ﷺ جاء بلفظ الإسلام ليدل على عدم بلوغهم مراتب الكمال في حين أنه لما ذكر امتنان الله عليهم بهذا الدين جاء بلفظ الإيمان الدال على تمام نعمة الهداية(٢)فتم فضل الله وظهر قصور عباده عن أداء حق الشكر كما زعموا، والله أعلم.
ثالثاً: بيان عواقب عدم التزام هذه الآداب:
لقد جاءت الآيات في هذه السورة بجملة من التنبيهات على خطورة العواقب المترتبة على ترك التزام منظومة الأخلاق القرآنية المعروضة، ففي سياق الأمر بالتثبت في الأخبار جاء التحذير من عاقبة الندم المترتبة على التصرف بغير علم وتثبُّت وتبيُّن، فقال تعالى :"فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"(٣)، وفي سياق النهي عن القبائح الاجتماعية – كالسخرية والتنابز واللمز – جاء التحذير من وقوع الظلم بين أفراد المجتمع نتيجة الاستهزاء بالغير والافتراء عليه ومبالغة الغير في الرد على تلك السخرية والافتراءات، فقال تعالى :"ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون"(٤)وهكذا.
رابعاً: تنمية الوازع النفسي للالتزام بهذه الأخلاق:
(٢) من المعروف أن لفظي الإسلام والإيمان إذا افترقا في الموضع اتفقا في المعنى – أي كان كلاً منهما مرادفاً للآخر – وأنهما إن اجتمعا في الموضع افترقا في المعنى – أي كان لكل منهما معنى أخص من الآخر.
(٣) سورة الحجرات – آية ٦
(٤) سورة الحجرات – آية ١١