إن أحداً لا يستطيع أن يفرض التزام مبدأ من المبادئ أو خلقاً من الأخلاق بقوةٍ خارجية أو سلطة قانون، فها هي الدول اليوم تعيش تحت سلطة قوانين وضعية ونظم قضائية وشرطة وقوات عسكرية لكنها لم تستطع أبداً أن تحقق أي التزامٍ حقيقي بالأخلاق – إن صح أن يسمى ما عندهم أخلاقاً – ولهذا كان لا بد من حل هذه الإشكالية في منظومة الأخلاق الإسلامية، وليس أقدر على ذلك من قوله تعالى في ختام هذه السورة:" إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون"(١)إذ أن استشعار هذه الرقابة الدائمة من الله عز وجل كفيلٌ بتنمية الوازع النفسي في كل فردٍ بما يحقق التزامه بهذه الأخلاق والآداب ولو كان في خلوة من الناس أو معزل عن بطش السلطان وقهر السلطة والقانون، وبهذا فقط تنضبط منظومة الأخلاق في المجتمع. وبهذا يتبين لنا اكتمال عنصر آخر من عناصر الإعجاز في هذه السورة المباركة.
المطلب الثاني : تقرير جملة من المبادئ والثوابت العامة: