فكلنا لآدم وآدم من تراب، ولا يرفع إنساناً فوق إنسان شيئ مما له علاقة بطبيعة الخلق البشري كاللون والعرق والجنس؛ فالأب واحد والأم واحدة كما قال :"إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" وهذا نظير قوله تعالى :" يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً"(١)قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية :" فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية وهي طاعة الله تعالى ومتابعة رسوله ﷺ "(٢)قلت: وبتقرير هذا المبدأ ينتفي في ذهن المكلف أي داعٍ من دواعي الاستعلاء على الغير من حيث صورة خلقه ونسبته البشرية، فينهدم ركن من أركان التفاضل الموهوم الذي قد يسوغ للبعض استحلال عرض أخيه بغيبة أو نميمة أو تجسس أو سخرية أو تنابز ولمز ونحوه.
ثانياً: معيار التفاضل بالتقوى:
بعد تقرير التساوي في النسبة الطينية ونقض التفاضل على أساسها كان من الطبيعي أن تنبه الآية على معيار التفاضل المعتبر شرعاً فقال تعالى:" إن أكرمكم عند الله أتقاكم"(٣)وقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ :" إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"(٤)

(١) سورة النساء – آية ١
(٢) تفسير القرآن العظيم – ابن كثير – ٥١٣/٧
(٣) سورة الحجرات – آية ١٣
(٤) صحيح مسلم


الصفحة التالية
Icon