٢- إن الأخذ على يد الشيخين الصحابيين الجليلين المبشرين بالجنة وهما خير هذه الأمة بعد نبيها ﷺ دليل آخر على حساسية الأمر وأهمية المبدأ؛ وتأمل معي لفظ راوي الحديث : كاد الخيِّران أن يهلكا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما. قلت: فإذا كاد الخيران أن يهلكا بمثل هذه المعصية فما بالك بمن هو دونهما في الفضل والإيمان والسبق والمكانة؟! الأمر عظيم إذاً والخطب جلل بلا ريب.
٣- تكفل الوحي بذم هذه المخالفات مباشرة لا عن طريق السنة النبوية لئلا يكون هناك أي حرج في ذلك الذم من قبل النبي ﷺ الذي كان شديد الحب لأصحابه، ولربما استحيا أن يوبخهم على فعلهم، وقد وردت مراعاة هذا الأصل في غير موضع من القرآن كما قال تعالى:" يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دُعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق"(١)، فكذلك ها هنا تكفل الله تعالى بالانتصار لنبيه ﷺ وبيان الحق كاملاً، وهذا أيضاً دليل على أهمية هذا الأصل وحساسية هذا الأدب والسلوك، والله أعلم.
وأكتفي بهذه الواقعة كمقدمة تمهد للدخول في تفصيل هذه الآداب مع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأنتقل الى بيان هذه الآداب والضوابط إن شاء الله.
أولاً: تحريم الافتئات على الله والرسول :
والأصل في هذا قوله تعالى:" يأيها الذين آمنوا لا تُقدِّموا بين يدي الله ورسوله "(٢)، والحقيقة إن هذا الأدب يتناول أمرين اثنين؛ أحدهما توقف المسلم في الأمور الشرعية حتى يأتي بيانها من الشرع والثاني الأدب اللازم في حضرة شخص النبي ﷺ.
(٢) سورة الحجرات – آية ١