أما بالنسبة للأمر الأول فهو ما عناه مجاهد بقوله :"لا تقدموا" لا تفتاتوا على رسول الله ﷺ حتى يقضي الله على لسانه.(١)فهذا نهي صريح للمسلمين كافة عن أن يستبقوا خبر الشرع فيما هو من جنس التشريع أو الخبر الشرعي، لأن ذلك دالٌّ على تقديم العقل على النقل ودالٌّ على جرأة على الله تعالى محرمة مذمومة قطعاً. قال الإمام القرطبي في تفسير الآية : أي لا تقدموا قولاً ولا فعلاً بين يدي الله وقول رسوله وفعله فيما سبيله أن تأخذوه عنه من أمر الدين والدنيا.(٢)
وأما الأمر الثاني المتعلق بمراعاة الأدب الشرعي في حضرة النبي ﷺ فهو يصب في نفس البوتقة ولكن له نوع خصوصية من حيث مراعاة وجود شخص النبي ﷺ في المجلس، بحيث يكون إثم التقدم بالرأي بين يدي الشارع أعظم لاجتماع الغفلة عن حق الشارع المطلق في التشريع مع تجاهل وجود النبي ﷺ الذي يجب أن يكون أدعى إلى استحضار التوقف بين يدي الشارع وعدم المبادرة بإبداء الرأي، والله أعلم.
ثانياً: تحريم رفع الصوت والأمر بغضِّه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم:

(١) فتح الباري – ابن حجر العسقلاني – ٥٦٤/٩
(٢) الجامع لأحكام القرآن الكريم – القرطبي- ٢٥٥/١٦


الصفحة التالية
Icon