والتقوى لا تقبل أن يعطيها الإنسان بعضه، بل لا بد أن يعطيها كله فلا يقبل من التقي بذل بعض الجهد بل لابد له من بذل كل الجهد ولذلك فحجم الإنسان عند ربه بحجم عمله الصالح وإخلاصه وصوابه، فلكل درجات مما عملوا والعمل الصالح يرفعه. قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ١٦ التغابن. أي إستنفذوا كل الجهد.
ومن عظيم إكرام الله عز وجل أن الإنسان حينما يخطوا الخطوة ألأُولى في طريق التقوى، يكفر الله عنه سيئاته ويتجاوز عن خطاياه وذنوبه ويعظم له أجرا. قال تعالى :(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) ٥الطلاق. ومن عظيم إكرام الله سبحانه للمتقي أن يجعل الله له من أمره يسراً فتنحل العقد وتفرج الكرب ويجعل الصعب سهلاً. قال الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)٤ الطلاق. ومن عظيم إكرام الله عز وجل أنه جعل التقوى مخرجاً للإنسان من كل ضيق. قال تعالى :( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) ـ ٢ الطلاق.
وإعجاز هذه ألآية الكريمة في إيجازها، وبلاغتها في إطلاقها. قال النبي } - ﷺ - { :( إني لأعلم أية لو أخذ الناس بها لكفتهم ثم تلا هذه ألآية ). فحينما تضيق الأمور وتستحكم الحلقات وتُسد المنافذ وتُنصب العقبات ويقنط ألإنسان، تأتي التقوى فيتسع بها الضيق وتحل بها العقد وتفتح بها المسالك وتذل بها الصعاب والعقبات. فمن يتقِ الله عند نزول المصيبة فيوحده ويصبر لحكمه ويرضى بقضائه ويثبت على مبدئه وإستقامته، يجعل الله له مخرجاً منها، ويبدل ضيقه فرجاً وخوفه أمناًً وعسره يسراً.


الصفحة التالية
Icon