يقول سيد قطب : وهكذا تمس اللمسة ألأولى شغاف القلوب، قلوب ألآباء المرهفه الحساسة تجاه ذريتهم الصغار بتصوير ذريتهم الضعاف مكسوري الجناح لا راحم لهم ولا عاصم، كي يعطفهم هذا التصوير على اليتامى اللذين وكلت اليهم أقدارهم بعد أن فقدوا ألآباء. فهم لايدرون أن تكون ذريتهم غداً موكولة إلى من بعدهم من ألأحياء كما وكلت إليهم هم أقدار هؤلاء مع توصيتهم بتقوى ألله فيمن ولاهم ألله عليهم من الصغار، لعل ألله أن يهئ لصغارهم من يتولى أمرهم بالتقوى و التحرج و الحنان. وتوصيتهم كذلك بأن يقولوا في شأن اليتامى قولاً سديداً وهم يربونهم ويرعونهم كما يرعون أموالهم ومتاعهم.
(ألآية ٧٧) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلا).
يقول سيد قطب : فالدنيا أولاً ليست نهاية المطاف ولا نهاية الرحلة، إنها مرحلة وورائها ألآخرة والمتاع فيها هو المتاع فضلاً على أن المتاع فيها طويل كثير فهي خير ( خير لمن إتقى ). وتذكر التقوى هنا والخشية والخوف في موضعها. التقوى لله فهو الذي يتقى وهو الذي يخشى وليس الناس. الناس الذين سبق أن قال : أنهم يخشونهم كخشية ألله أو أشد خشية. والذي يتقي ألله لا يتقي الناس، والذي يعمر قلبه الخوف من ألله لايخاف أحداً، فمن يملك له شيئاً اذا كان ألله لايريد.


الصفحة التالية
Icon