وكذلك أوضح من هذا نجد أن العرب تستعمل اللفظ الواحد في معان مختلفة لا يدل عليها إلا السياق فتقول: (قال) ما معنى لفظة قال؟ قال بمعنى تكلم، وكذلك قال بمعنى نام القيلولة، من أين نفرق بين اللفظين في المدلول؟ من جهة السياق، فحينئذ قالوا : إن العرب لا تلتفت إلى الكلمة مجردة، وإنما تلتفت إلى السياق كاملا، وحينئذ إذا التفتنا إلى السياق كاملا "أسدا يخطب" لا يمكن أن يُراد به الحيوان المفترس، فيكون هذا من باب الاستعمال الحقيقي؛ لأن العرب لا يمكن أن تضع أو أن تستند بمثل هذا الإسناد، وتريد به الحيوان المفترس.
وهذا المنهج أصوب من المنهج الأول بالالتفات إلى جميع السياق وجميع الجملة؛ لأننا إذا وضعنا اللفظ مفردا لم نأخذ منه معنى وحده؛ ولأن العرب لا يتكلمون باللفظ المفرد الذي ليس معه ألفاظ أخر، سواء كانت هذه الألفاظ مظهرات أو مضمرات، فلا يقولون أسد ويسكتون إلا بتقدير كأن يقولوا : هذا أسد أو نحوه، فحينئذ الصواب أننا ينبغي أن ننظر إلى جميع السياق ولا ننظر إلى اللفظ المفرد، ويدل على ذلك أن السياق يختلف به المعنى، والسياق يترتب عليه العديد من الأحكام. ويمثلون لتأثير السياق على أخذ الحكم من الألفاظ بما ورد عن الإمام الشافعي والإمام أحمد رحمهما الله أن الإمام أحمد قال: لا يجوز للإنسان أن يبتلع القيء الخارج منه، واستدل
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ