قال :(وإنما حدث تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز) يعني إنما وجد هذا التقسيم بعد أن لم يكن موجودا (إلى حقيقة ومجاز بعد القرون المفضلة) يعني بعد العصور والقرون الثلاثة التي وردت النصوص بأنها خير الأمة وأنها أفضل هذه الأمة ؛ لقول النبي - ﷺ - " خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".
قال :(فتذرع به المعتزلة والجهمية إلى الإلحاد في الصفات) تذرع به يعني جعله المعتزلة والجهمية وسيلة إلى مقصودهم في الإلحاد في الصفات، فذريعةُ الشيء وسيلتُهُ التي يُتوصل إليه من خلالها، والمعتزلة : تقدم أن المراد بهم من اعتزلوا في الأصل مجلس الحسن البصري، وهم يبنون مذهبهم على أصول خمسة : كالتوحيد ويراد به نفي الصفات. والعدل ويراد به نفي القدر. والقول بالمنزلة بين المنزلتين والمراد بذلك أن صاحب الكبيرة في الدنيا ليس مؤمنا ولا كافرا، وإنما هو في منزلة بين المنزلتين وهو في الآخرة مخلد في نار جهنم، وهكذا إلى بقية أصولهم.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والجهمية أتباع جهم بن صفوان، وليُعلَم بأن النسبة إلى أهل هذه البدع يكون باعتماد المنهج الذي يسيرون عليه، فمن كان محكما للنصوص الشرعية في أبواب العقائد والصفات فإنه يكون من أهل السنة والجماعة، فلو قدر أنه خفي عليه نص من نصوص الصفات فلم يثبت الصفة لكونه قد خفي عليه ذلك النص فإننا حينئذ لا نجعله ممن خرج على مذهب أهل السنة والجماعة، ومثال ذلك ابن خزيمة فإنه لما جاء في حديث الصورة نهج منهجا مخالفا لأهل السنة، لكن ابن خزيمة سائر على منهج علماء الإسلام من تحكيم نصوص الوحيين: الكتاب والسنة في مباحث العقائد والصفات.


الصفحة التالية
Icon