والمقوم الثاني: في تعريف المعجزة أن تكون مقرونة بالتحدي فيقع هنا تحدٍّ بين صاحب المعجزة وبين من يقابله.
قوله هنا :(خارق للعادة) يخرج به ما لا يخرق العادة، لكن يبقى معنا الكرامة، ويبقى معنا السحر على قول الجمهور بأن السحر يقلب حقائق الأشياء، فقوله هنا :(مقرون بالتحدي) يخرج الكرامات فإنها في الغالب لا
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تحدي فيها، وقوله هنا :(سالم عن المعارضة) المراد بالمعارضة مقابلة الشيء بمثله، فإذا أورد عليك الإنسان دليلا يدل على الجواز فأوردت له دليلا يدل على التحريم فإيرادك لدليل التحريم يعتبر معارضة، وإذا أورد لك علة ثم قمت بإيراد علة أخرى للمسألة فهذا يسمى معارضة؛ لأنك قابلت علة بعلة أخرى، فقوله :(سالم عن المعارضة) يخرج السحر فإن معارضته بمثله ممكنة.
قال المؤلف: (والقرآن معجز أبدا) القرآن كلام الله الذي بين دفتي المصحف كما تقدم، وهذا القرآن معجزة؛ وذلك لأن الله - عز وجل - خرق به العادة في كلام العرب وفيه تحدٍّ، فقد تحدى العرب أن يأتوا بمثله أو بعشر سور فيه أو بسورة، وقد سلم من المعارضة فلم يتمكن أحد من معارضته، وقوله :(أبدا) يعني أن معجزته باقية أبد الدهر؛ ولذلك ورد في الحديث الصحيح أنه " ما من نبي إلا أعطي ما مثله يؤمن عليه البشر، وإنما الذي أوتيته وحي أوحاه الله سبحانه إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا ".