قوله هنا (أعجز الفصحاء مع حرصهم على معارضته) يعني أن هذا القرآن عجز الفصحاء على أن يأتوا بمماثل له ؛ لأن المعارضة مقابلة الشيء بما يماثله، وقد تحداهم الله - عز وجل - على معارضة القرآن فقال جل وعلا في كتابه العزيز :﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٣٤) ﴾ (١) فهذا تحدٍّ بالإتيان بمثل القرآن كاملا، بل تحدَّى بعشر سور، فقال :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ﴾ (٢) إلى أن قال: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ ﴾ (٣) كما تحداهم بإيراد سورة كما في مقدمة البقرة: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ (٤).
وقد تقدم أن الإعجاز ليس خاصّا بالسور الكبار، بل هو كذلك في السور الصغار، وإنما يثبت بالأمرين معا، وقد بين الله - عز وجل - عدم إمكانية الإتيان بمثل هذا القرآن سواء من الأفراد أو من الجماعات أو من الإنس أو الجن أو من الجميع بحيث لو اجتمعوا لن يتمكنوا من
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
معارضة هذا القرآن :﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨) ﴾ (٥) والمراد بالظهير المساعد والمعاون.
(٢) - سورة هود آية : ١٣.
(٣) - سورة هود آية : ١٤.
(٤) - سورة البقرة آية : ٢٣.
(٥) - سورة الإسراء آية : ٨٨.