ثم بين وجوه إعجاز القرآن فقال المؤلف :(وذكر العلماء وجوها من إعجاز القرآن) والوجه هنا المراد به النوع والقسم، (منها أسلوبه) فأسلوب القرآن فريد لا تجد أسلوبا مماثلا له؛ فإن القرآن يستعمل من الألفاظ في كل سياق ما يناسبه، فتجده مثلا مرة يقول :﴿ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ﴾ (١) ومرة يذكر الذبح ولا يذكر القتل، ونجده مرة يستعمل اللفظ القوي عند كون ذلك المحل يتطلبه، فلما جاء بذكر المحاربين قال :﴿ أَنْ يُقَتَّلُوا ﴾ (٢) ما قال أن يُقتَلوا، و ﴿ يُقَتَّلُوا ﴾ (٣) فيها دليل على صرامة مثل هذا الحكم، فأسلوب القرآن أسلوب فريد لا تجد له مماثلا في كلام الناس، فهو يستعمل الألفاظ في محلها بحسب دلالة سياقها، فيختار لمقام التفخيم لفظا مفخما، ولمقام التسهيل لفظا مناسبا له وهكذا.
قال :(وبلاغته) هذا وجه آخر من وجوه إعجاز القرآن أن هذا قرآن بليغ، وكون الشيء بليغا أن يكون اللفظ موصلا للمعنى بطريق واضح سهل من البلاغ ﴿ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٩٢) ﴾ (٤) ولذلك بين الله - عز وجل - أن هذا الكتاب سهل وميسر، وأمر الناس كلهم بتدبر هذا القرآن.
(٢) - سورة المائدة آية : ٣٣.
(٣) - سورة المائدة آية : ٣٣.
(٤) - سورة المائدة آية : ٩٢.