وفي القرآن من أوجه الإعجاز (إخباره عن المغيَّبات) سواء كانت هذه المغيبات من أخبار من سيأتي كما في ذكره خبر الروم، وأنهم سينتصرون على الفرس، فهو إخبار عن مغيب لم يحصل بعد، وكذلك إخباره بما سيكون سواء في آخر الزمان أو في يوم القيامة مما يوافق الكتب السابقة، وكذلك إخبار هذا الكتاب بقصص الأمم الماضية والقرون السالفة مما يوافق ما لدى الأمم الأخرى، ولا يخالف حقيقة ما وقع، هذه من أوجه الإعجاز في القرآن في إخباره عن المغيبات.
قال :(والروعة في قلوب السامعين) أنت إذا سمعت القرآن ميزته عن غيره، وإذا سمعت كلاما يرتل بمثل ترتيل القرآن، وهو ليس من القرآن عرفت أنه ليس من القرآن ؛ لأن القرآن عليه من المهابة ما يجعلك تعرفه بمجرد سماعه. وكذلك من أوجه إخبار القرآن عن المغيبات أنه أخبر عما في ضمائر بعض الناس فقال هؤلاء يخفون كذا ولا يظهرونه، ومن عقائد هؤلاء كالمنافقين وغيرهم كذا، ولم يُعرف أن أحدا منهم عارض مثل ذلك، وأما الروعة في قلوب السامعين فإن النفوس تتأثر بسماع القرآن مما نشاهده ونعلمه، ولذلك قال سبحانه :﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ (١) فإذا كانت هذه الجبال فكيف بالقلوب والأسماع.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(١) - سورة الحشر آية : ٢١.


الصفحة التالية
Icon