وقوله :﴿ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ (١) واستشهد المؤلف هنا بكلام أحد المشركين لما سمع القرآن وهو الوليد بن المغيرة المخزومي والد خالد بن الوليد لما سمع القرآن قال :(إن لقوله حلاوة) يعني أن كلام القرآن فيه من الدوافع التي تجعلنا نندفع إلى استماعه لما فيه من حلاوة تناسب القلوب والأفئدة وتناسب الأسماع، قال :(وإن عليه لطلاوة) وقوله هنا "عليه لطلاوة" يعني أن عليه بهجة تجعلنا نقبل عليه، -قال (ومن تأمل حسنه وبديعه)- لم يكمل هنا المؤلف كلام الوليد فإنه قال فيه :(إنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه) مما يدل على أن هذا الكلام متميز عن كلام العرب.
(ومن تأمله حسنه) يعني حسن القرآن (وبديعه وبيانه ووجوه مخاطباته) يعني أنواع الخطاب فيه، علم أنه معجز من وجوه كثيرة، وهذا تجدونه أنتم من أنفسكم عندما تقرءون شيئًا من آيات القرآن تجدون فيها من المعاني البديعة ما لا يوجد في كلام الناس، ومن أمثلة ذلك اختيار وانتقاء الألفاظ فيُنتقى في كل موطن ما يناسبه من الألفاظ، ومن ذلك أيضا أن هذا القرآن متحد متسق لا يوجد فيه تناقض بخلاف غيره من كلام الناس؛ لذلك قال سبحانه :﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢) ﴾ (٢)
(٢) - سورة النساء آية : ٨٢.