أصح طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان، فإنه قد فصل في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضوع آخر، فإن لم تجده ففي السنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، فإن لم تجده فارجع إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، لا سيما كبراؤهم، كالخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين: كابن مسعود، وابن عباس. وإذا لم تجده، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين: كمجاهد، وسعيد بن جبر، وعكرمة، وعطاء، والحسن، ومسروق، وسعيد بن المسيب، وكمالك، والثوري، والأوزاعي، والحمادين، وأبي حنيفة، وغيرهم من تابعي التابعين، وكالشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد وأمثاله من أتباع تابع التابعين.
قال الشيخ: وقد يقع في عباراتهم تباين في الألفاظ، يحسبها من لا علم عنده اختلافا، وليس كذلك؛ فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو نظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه.
ويُرجع إلى لغة القرآن أو السنة أو لغة العرب. ومن تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه، ويحرم بمجرد الرأي. وقال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
ــــــــــــــــــــــــــ
ذكر المؤلف في هذا المفصل أولا طرق التفسير، والمراد بطرق التفسير يعني: الأوجه التي يمكن أن يفسر بها القرآن، والأدلة التي يمكن أن يفهم القرآن من خلالها، ومن المعلوم أن المفسرين لهم منهاجان معروفان في التفسير:
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــ
الأول تفسير القرآن بالمأثور: وهذا الذي عليه علماء الأمة وسلفها، وهو الذي ذكره المؤلف هنا.


الصفحة التالية
Icon