قال الحمد لله الذي أنزل الكتاب أنزل: النزول يأتي من العلو، وكلمة أنزل قد وردت في القرآن في عدد من المواضع، قال تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١) ﴾ (١) فأنزل واردة بالنسبة للقرآن في مواطن عديدة، وكذلك ورد لفظ نزّل بحذف الهمز وتشديد الزاي، وقد اختلف أهل العلم في الفرق بين هذين اللفظين؛ ولذلك نجد أن هذين اللفظين يستخدمان في مواطن، فيفرق بينهما، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ ﴾ (٢) وقال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ (٣) فدل ذلك على وجود فرق، وقال تعالى: ﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ ﴾ (٤) فدل ذلك على وجود الفرق بينهما.
فقال طائفة بأن الكتب السابقة يقال فيها أنزل؛ لأنها قد نزلت جملة واحدة، لكن القرآن لم ينزل جملة واحدة، وإنما نزل مفرقا؛ ولذلك يقال فيه نزّل، ولكن هذا اللفظ أنزل قد ورد في القرآن في مواطن عديدة ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾ (٥) فوصف القرآن بكونه منزل أنزل؛ ولذلك قالت طائفة: وهذا يعارض قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾ (٦) فوصف القرآن بفعل نزّل مع قوله جملة واحدة.
.............................................................................................................

(١) - سورة الفرقان آية : ١.
(٢) - سورة النساء آية : ١٣٦.
(٣) - سورة النحل آية : ٤٤.
(٤) - سورة آل عمران آية : ٣-٤.
(٥) - سورة الكهف آية : ١.
(٦) - سورة الفرقان آية : ٣٢.


الصفحة التالية
Icon