ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولهذا اختار طائفة بأن الفرق بينهما أن أنزل لما تم إنزاله واستقر، ولم يبق منه شيء، ونزل لما لا يزال لما كان مستمرا إنزاله، فما استمر إنزاله، يقال فيه نزل، وما كمل إنزاله يقال فيه أنزل، وعلى كل فالأمر ليس قاطعا.
قوله الكتاب مأخوذ من كتب، والمراد به القرآن العظيم، فالقرآن العظيم يطلق عليه اسم الكتاب؛ ولذلك في حادثة الجن ذكر الله - عز وجل - عن الجن أنهم سموا ما سمعوه قرآنا، وسموا ما سمعوه كتابا، والمسموع شيء واحد.
"تبيانا لكل شيء" يعني موضحا ومبينا لكل شيء كما في قوله تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ (١) يعني موضحا ومبينا؛ ولذلك ورد عن عدد من الصحابة بأن هذا القرآن فيه بيان كل شيء، ابن مسعود، وابن عباس وجماعة، وتبيانا لكل شيء، قيل المراد به: ما تحتاجون إليه من أمور آخرتكم، وقيل: تبيانا لكل شيء المراد له الأحكام الشرعية فالقرآن قد احتوى على جميع الأحكام الشرعية، وجعلهم يذهبون؛ لذلك أنهم يجدون شيئا من أمور الدنيا، ومن أمور الناس في صناعاتهم، وبيعاتهم وأعمالهم، وما يستجد لهم من معرفة بأمور كونية لا يجدونه في هذا الكتاب، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - قد بين لنا في القرآن كل علم وكل شيء.
قال المؤلف: وهدى للمتقين، الهدى للعلماء فيه قولان مشهوران:
القول الأول: أن الهدى يراد به العلم، فالهدى هو ما يعرفه الإنسان ويعلمه، من الصواب والحق، ولا يدخل في مسمى الهدى عندهم العمل، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ﴾ (٢) فالهدى العلم، ودين الحق العمل.
(٢) - سورة التوبة آية : ٣٣.