ثم ذكر المؤلف طريقا لا يصح تفسير القرآن به، فقال: ويحرُم -يعني يحرم تفسير القرآن- بمجرد الرأي، فمن فسر القرآن بالرأي المجرد فإنه آثم. وقوله: "بمجرد الرأي" يعني: الرأي الذي لا يستند إلي كتاب أو سنة أو لغة، أو أقوال الصحابة، فإن كان الرأي مستندا إلى واحد من هؤلاء، فلا حرج على المرء فيه.
وقد تواترت النصوص الشرعية بتحريم القول على الله بلا علم، قال -تعالى-: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ (١) وقال -سبحانه-: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ (٢) قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه:
الوجه الأول: وجه تعرفه العرب من كلامها، وهذا هو الألفاظ اللغوية التي تفسر بمقتضى اللغة: كتفسير الحروف المجردة، وتفسير الكلمات التي يستعملها أهل العربية كقوله: جبل، سماء، أرض، قمر، شمس. هذه يعرفها الناس من خلال معرفة لغة العرب.
والنوع الثاني: تفسير -يعني للقرآن- لا يعذر أحد بجهالته، والمراد به ما يلزم العبد على جهة الوجوب والحتم، فإنه يجب عليه أن يتعلمه، ولا يعذر أحد بجهالته، فقوله: ﴿ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ (٣) لا بد أن تكون عالما بكيفية الصلاة، ولا تعذر بعدم علمك.
النوع الثالث: وتفسير يعلمه العلماء، يعني: دون عامة الأمة، وهو المذكور في قوله -تعالى-: ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ (٤) ومن أمثلة ذلك: استخراج الأحكام من الأدلة؛ فإن أخذ الحكم من الدليل الشرعي لا بد أن يكون مبنيا على القواعد الأصولية، فمن لم يعرف القواعد الأصولية لم يحق له أن يستخرج الأحكام الشرعية من
...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــ

(١) - سورة الأنعام آية : ٢١.
(٢) - سورة الإسراء آية : ٣٦.
(٣) - سورة الأنعام آية : ٧٢.
(٤) - سورة النساء آية : ٨٣.


الصفحة التالية
Icon