" تأولوا كلام الله على آرائهم" ما معنى كلمة تأولوا؟ فسروا، يحتمل أن هذا هو المراد، ويحتمل أن المراد صرفوا ظاهر ألفاظ القرآن على وفق أهوائهم، كما تقدم معنا في كلمة "التأويل" ومعناها سابقا، وأنها على ثلاثة معان: تأولوا، فسروا، أو صرفوا ظاهر كلام الله من أجل آرائهم، "على آرائهم" يعني: على مذاهبهم التي ينتهجونها ويرونها. فحينئذ هذا القسم الثاني أخطئوا في شيئين: أخطئوا في المدلول، هو الرأي الذي يرونه، وأخطئوا في الدليل؛ لأنهم فسروه بغير المراد منه.
الطائفة الأولى أصابت في الدليل والمدلول، والطائفة الثانية هذه أخطأت في الدليل والمدلول.
قال: تارة يستدلون بآيات الله على مذهبهم، مع أن هذه الآيات لا تدل على مذاهبهم، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم، فيقولون: ظاهر القرآن ليس مرادا، لماذا؟ لأنه خالف مذهبهم. ومن أمثلته قول المعتزلة بنفي رؤية الله -سبحانه وتعالى-، هم يقولون: إن الله لا يرى في الآخرة، استدلوا على ذلك بقوله -تعالى-: ﴿ لَنْ تَرَانِي ﴾ (١) وهذه الآية لا تدل على نفي الرؤية، وإنما تدل على عدم القدرة على الرؤية في الدنيا.
وقول المعتزلة: "لن" تفيد التأبيد، هذا قول خاطئ مخالف لغة العرب، لذلك قال ابن مالك -رحمه الله-:
ومن رأى النفي بـ"لن" مؤبدا
٠@فقوله اردد وسواه اعددا
وتارة يأتيهم النص، فيقولون: ظاهره غير مراد. فلما جاء قوله -تعالى-: ﴿ * لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ (٢) فسروا الزيادة بخلاف ما ورد عن النبي - ﷺ - من النظر إلى رب العالمين.
................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــ
(٢) - سورة يونس آية : ٢٦.