قال الشيخ -المراد به شيخ الإسلام ابن تيمية-: وأعظمهم جدالا المعتزلة، فهم يجادلون، وعندهم من فنون الجدل ما ليس عند غيرهم، ويزعمون أنهم أهل العقل، وفي الحقيقة أن أهل العقل هم أهل السنة والجماعة، فهم أهل السمع والعقل، والسمع والعقل متوافقان متعاضدان ولا يتعارضان.
...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــ
قال: "وقد صنفوا" -يعني أصحاب الصنف الثاني الذين أخطئوا في الدليل والمدلول- تفاسير على أصولهم -يعني على وفق مذاهبهم التي يرونها-، مثل: تفسير ابن كيسان الأصم، والجبائي، وعبد الجبار الهمداني، والرماني، والكشاف -يعني يريد تفسير الزمخشري-، ووافقهم متأخرو الشيعة، فألفوا تفاسير على وفق معتقداتهم، وصرفوا القرآن على وفق آرائهم، فالمقدم عندهم مذهب آرائهم: كالمفيد، وأبي جعفر الطوسي، اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، بخلاف الصنف الأول، فإنهم عندهم المقدم هو النصوص والأدلة، والآراء تنتج عن النصوص والأدلة، عن الكتاب والسنة، وهؤلاء عندهم المقدم آراؤهم ومعتقداتهم، والكتاب والسنة يحملان على آرائهم ومعتقداتهم.
قال: ومنهم -يعني ومن أهل هذا الصنف- حسن العبارة -يعني يتكلم الكلام الفصيح وبكلام يروق للناس-، لكنه يدس البدع في كلامه -يعني يخيفها ولا يظهرها- بحيث لا يتبين للإنسان ما فيها من البدعة.
ومن أمثلة ذلك كصاحب الكشاف -يعني الزمخشري-، فأنه يفسر القرآن ويدخل البدع بحيث لا يشعر بها الإنسان، حتى إنه يروج على خلق كثير، ولا يعرفون ما فيه من البدع، ولذلك قالوا: استخرجنا الاعتزال من الكشاف بالمناقيش؛ لأن ما يلحظها كل إنسان.