ونمثل لهذا بمثال، قال -تعالى-: ﴿ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) ﴾ (١) قال: بإدخالهم الجنة، وهذا أعلى أنواع النعيم.
وهذا -يعني دخول الجنة- أعلى أنواع النعيم. ماشي ولا فيه إشكال؟ نعم، هذا خطأ؛ لأنه ورد في حديث جرير: " أن أعظم النعم هو النظر إلى وجه الله - عز وجل - " ولذلك قال في أوله: "الحمد لله الذي جعل القرآن"، ماشي ولا ما هو ماشي؟ هذا خطأ، لماذا؟ هذا بناء على مذهبهم في كون القرآن مخلوقا، طيب، فإن قال قائل: ﴿ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا ﴾ (٢) قيل: هنا ﴿ جَعَلْنَاهُ ﴾ (٣) فعل جعل تعدى إلى مفعولين، وأما هناك جعلوا القرآن لم يتعد إلا إلى مفعول واحد، فيفرق بينهما.
المقصود أن مثل هذه الأشياء توجد في تفسير الكشاف، ولا ينتبه إليها كثير من الناس، وذكر -يعني أن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر- أن تفسير ابن عطية وهو "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" -وقد طبع الكتاب في
................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــ
قطر- وأمثاله، وإن كان أسلم من تفسير الزمخشري، لكنه يذكر ما يزعم أنه من قول المحققين -يقول: قال المحققون- وإنما يعني طائفة من أهل الكلام؛ لأن ابن عطية من الأشاعرة، فيذكر مذهب الأشاعرة بقوله قال: المحققون في تفسير هذه الآية.
قال: إنما يعني طائفة من أهل الكلام، المراد الكلام المذموم، وهو بناء العقائد على أصول مخالفة لأدلة الشريعة؛ لأن كلمة "الكلام" تقدم عندنا أنه قد يراد بها المعتقد مطلقا، لذلك يقال: "علم الكلام"، وقد يراد بها بناء المعتقد على أصول مخالفة لأصول أهل الإسلام، كأصول الفلاسفة اليونان أو غيرهم.

(١) - سورة الزخرف آية : ٧٢.
(٢) - سورة الزخرف آية : ٣.
(٣) - سورة الزخرف آية : ٣.


الصفحة التالية
Icon