قال: وكذا المراسيل، المراد بالمراسيل رواية من لم يلق النبي - ﷺ - عن النبي - ﷺ - مباشرة بإسقاط الصحابي الراوي، وهذا التعريف تعريف المحدّثين، وأما عند الأصوليين فإنهم يقولون: إن المرسل هو ما سقط من إسناده راوٍ فأكثر، في أي طبقة من طبقات الإسناد، فعند الأصوليين أن المرسل يشمل المنقطع الذي سقط منه راوٍ في أثناء السند، ويشمل المعضل الذي سقط منه راويان في أثناء السند، ويشمل المعلق، ويشمل كذلك المرسل في اصطلاح المحدّثين.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــ
قال: المراسيل إذا كان المرسِل يسقط الرواة الضعفاء فإن روايته غير مقبولة بالاتفاق، ووقع اتفاق المحدّثين والفقهاء والأصوليين على أن المرسِل إذا كان يسقط في بعض المرات رواة ضعفاء فإن مراسيله غير مقبولة، ومثلوا لها بمراسيل الزهري؛ فإن الزهري إمام من أئمة الحديث، حفظ على الأمة حديثا كثيرا، وكثير من الأحاديث ترجع عليه، لكنه عند الإرسال مراسيله ضعيفة جدا؛ لأنه يرسل عن كل أحد، ويسقط الضعفاء في مراسيله، وحينئذ فلا قيمة لمراسيل الزهري، أما إذا كان المرسِل لا يسقط إلا الثقاة، وعلم من حاله أنه لا يسقط إلا الثقاة، فإنه حينئذ وقع الخلاف فيه على ثلاثة أقوال مشهورة:
الجمهور: على حجية المرسل.
والقول الثاني: قول بعض المحدثين بأنه غير حجة.
والقول الثالث: بأنه إذا وجد له معاضد فإنه يكون حجة، وهذا المعاضد قد يكون مرسلا آخر، وقد يكون عمل صحابي، وهو الذي أشار إليه المؤلف هنا فقال: وكذا المراسيل، يعني الأحاديث التي روى فيها التابعي عن النبي - ﷺ - تكون مقبولة إذا تعددت طرقها، وقوله هنا "وكذا" ظاهره أن المراسيل حينئذ تكون صحيحة، وهذا فيه تساهل في التعبير، ويكفي مجرد القبول.


الصفحة التالية
Icon