ثم ذكر المؤلف مفاد خبر الواحد، والمراد بخبر الواحد ما لم يروه أهل التواتر، الأخبار التي لم يروها أهل التواتر، بأن يكون قد سقط منها شرط من شروط التواتر؛ كأن يكون الرواة له يمكن تواطؤهم على الكذب سواء كان غريبا برواية واحد أو عزيزا برواية اثنين أو مشهورا برواية جمع، فهذا كله يقال له: خبر الواحد؛ فالحديث الذي لم يروه إلا صحابي واحد يكون من باب خبر الواحد.
قال المؤلف: خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول؛ قوله: تلقته يعني أنه قابلته، وأذعنت له، ويدخل في التلقي بالقبول أن يقولوا بصحته أو يعملوا به، وحتى يدخل في التلقي بالقبول أن يتأولوه ولا يتكلموا في إسناده.
ما هو مفاد خبر الواحد: ليعلم أن خبر الواحد المجرد لذاته لم يقل أحد بأنه يفيد العلم لذاته، ولا يوجد أحد يقول كل خبر واحد يفيد العلم؛ لأن الواحد قد يكون كاذبا، وقد يكون غالطا، وإنما اختلف الناس في أخبار الواحد في مفادها على قولين:
القول الأول: بأن خبر الواحد لا يفيد العلم مطلقا، ولا يمكن أن يفيد العلم؛ قالوا: لاحتمال وقوع الخطأ من الراوي الواحد.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــ
والقول الثاني: بأن أخبار الآحاد تفيد العلم إذا احتفت بها القرائن، وهذا قول الجماهير من الأصوليين والمحدّثين والفقهاء؛ قالوا: لأننا نجد أخبارا من أخبار الآحاد استفاد الناس منها الجزم واليقين والقطع، ومثلوا لهذه القرائن التي تنقل الخبر من كونه مفيدا للظن إلى كونه مفيدا للقطع بعدد من القرائن، منها ما ذكره المؤلف هنا بأن تتلقاه الأمة بالقبول:
ومن أمثلة ذلك أحاديث الصحيحين، فإن الأمة تلقت ما فيها من أحاديث بالقبول بالجملة.
ومنها أن يكون الخبر من رواية الأئمة المشهورين بالعلم، مثل الإمام أحمد والشافعي ومالك ونحوهم.