ومن أمثلته: أنهم أتوا إلى لفظ "الاستواء" ففسروه بمعنى القصد، يقولون: استوى في لغة العرب يجوز أن يراد بها القصد، فقوله: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) ﴾ (١) بمعنى قصد إليه وعمد إليه، وذلك جائز في لغة العرب، ثم يستدلون على جوازه بأشعار وكلام من كلام العرب، وقد يستدلون عليه بقوله -تعالى-: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ (٢) بمعنى قصد إليها وعمد إليها وهم لم يميزوا لغة القرآن؛ فإن القرن -بل لغة العرب كذلك- تفرق بين "استوى" إذا كان قد تعلق به حرف "على" و"استوى" إذا تعلق به حرف "إلى"؛ فإن "استوى" في لغة العرب، تطلق على أنواع مختلفة، منها "استوى" المعدى بـ"إلى"، يقال: استوى إلى كذا بمعنى عمد إليه وقصد إليه، مثل آية البقرة، "استوى على كذا" استعمال آخر، بمعنى علا عليه وارتفع، وقد تستعمل "استوى" مع فاعل واحد بدون تعدية بحرف فتكون بمعنى النضج والتمام، يقال: استوى النبات بمعنى نضج وتم، وقد تستعمل "استوى" بدون أن يتعلق بها حرف وتكون بفاعلين بمعنى التماثل، يقال: استوى فلان وفلان بمعنى تماثلا.
................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــ
فالمقصود أنهم قد يفسرون القرآن بالنظر فيما يجوز لغة ويتركون دلالة لغة القرآن، وتبعهم كثير من المتفقة؛ يعني أن بعض المتفقهة -المنتسبين إلى الفقه- تبعوا هؤلاء المبتدعين، فتركوا التفسير الصحيح للقرآن من أجل هذين السببين المنشئين للخطأ في التفسير، والسبب في ذلك ضعف آثار النبوة عندهم.
إذن ما هو السبب في كون كثير من المتفقهة يتركون التفسير الصحيح يذهبون إلى تفسير القرآن الخاطئ الذي يقول به بعض أهل البدع؟ هناك أسباب:
(٢) - سورة البقرة آية : ٢٩.