السبب الأول: ضعف آثار النبوة عندهم، فليس لديهم من الأحاديث والآيات القرآنية ما يميزون به بين الصواب والخطأ، فحينئذ تبعوا هؤلاء المخطئين في تفسير القرآن؛ لجهلهم بآثار النبوة.
والسبب الثاني: العجز، فقد لا يتمكن الإنسان على معرفة الأدلة الدالة على مراد الله بالقرآن، فيكون ذلك سببا لإقدامه على التفسير الخطأ للقرآن.
والسبب الثالث: التفريط، فيفرط الإنسان في جنب الله بعدم بحثه للأدلة الشرعية التي توضح له الصواب من الخطأ؛ ولوجود هذه الأسباب الثلاثة كان كثير من المتفقهة يروون أحاديث نبوية مكذوبة وضعيفة، ويروون أقوالا لغيرهم وينقلونها، وهم لا يعلمون صحتها.
ومن الأمور المتعلقة بهذا أن بعض الناس قد ينقل خلافا في المسألة، فينقل الأقوال الخاطئة ولا ينقل القول الصحيح فيها؛ فتجد مثلا في مسألة عقدية، مثل مسألة الجبر والقدر، ينقل أقوال القدرية، وينقل أقوال الجبرية، ويجعل الخلاف دائر بين القولين، ولا يذكر قول أهل السنة.
قال المؤلف: وقد يكون الاختلاف لخفاء الدليل؛ هذا السبب الثالث من أسباب الاختلاف في تفسير القرآن، تقدم معنا أنه قد يكون الاختلاف ناشئا من اختلاف النقل، وقد يكون ناشئا من اختلاف الاستدلال، وكذلك قد يكون الاختلاف بين المفسرين من خفاء الدليل، فتكون الآية القرآنية يراد بها معنى جاء بيانه في آية قرآنية أخرى، أو جاء بيانه في حديث نبوي، فيخفى هذا الدليل عن المفسر؛ فيترك القول الصواب ويقول بظاهر الآية، ويكون غيره قد اطلع على الدليل الآخر فيقول به، من أمثلة ذلك قوله -سبحانه-: ﴿ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ﴾ (١) ؛ ظاهر هذا اللفظ أن التحريم يكون برضعة واحدة، فيقول بعض المفسرين: إن التحريم يثبت برضعة واحد لهذه الآية، ولا يطلع على الحديث الوارد المقيد للرضاعة المحرمة بخمس رضعات؛ فيقع الاختلاف بين المفسرين والفقهاء في تفسير
.................................................................................................................

(١) - سورة النساء آية : ٢٣.


الصفحة التالية
Icon