ـــــــــــــــــــــــ
هذه الآية، هل المراد بها من رضعت رضعة واحدة أو من رضعت خمس رضعات؟
والسبب الآخر من أسباب الاختلاف: الذهول عن الدليل، يكون الدليل واضحا جليا لكنه يذهل الإنسان عنه ويغفل عنه، والإنسان قد يغفل عن أحاديث كثيرة أو يغفل عن نصوص قرآنية كثيرة مع كونه يحفظها؛ ولهذا تجدون أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في حادثة وفاة النبي - ﷺ - أخذ السيف وقال: من قال: إن محمدا قد مات فعلت به وفعلت، فلما جاء أبو بكر قرأ قوله: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ﴾ (١) وقوله: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ ﴾ (٢) قال عمر: فلما قرأها عقرت. وكان يحفظ هذه الآيات ولكن ذهل عنها.
وقد يكون الاختلاف ناشئا لعدم سماع الدليل، حينئذ لم يقل به، وهو مماثل لخفاء الدليل، لكن خفاء الدليل قد يكون متعلقا بذات الدليل وقد يكون متعلقا بمدلوله، وقد يكون الاختلاف ناشئا من الغلط في فهم النص؛ كأن يكون المفسر لا يعتقد صحة طريق صحيح من طرق الفهم، مثال ذلك: مفهوم المخالفة طريق صحيح من طرق الفهم، فيأتي مجتهد مفسر لا يرى حجية مفهوم المخالفة، فيترك الاستدلال بالدليل القرآني بناء على كونه لا يرى حجية مفهوم المخالفة، ومثل ذلك أيضا دلالة الإشارة.
وقد يكون الاختلاف ناشئا من ظن المفسر أن الدليل يدل على مدلول معين، ولا يكون الدليل كذلك، فهنا غلط في فهم النص.
قال المؤلف: وقد يكون الاختلاف ناشئا من اعتقاد وجود دليل آخر معارض لظاهر اللفظ، فيفسر القرآن بما يتمكن به من الجمع بين هذه المتعارضات، ولا يكون هذا المعارض دليلا صحيحا، نعم يا شيخ.
التفسير

(١) - سورة الزمر آية : ٣٠.
(٢) - سورة آل عمران آية : ١٤٤.


الصفحة التالية
Icon