وكذلك يأتي لفظ هدى في القرآن والسنة، بمعنى قضى وقدر، كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) ﴾ (١) وكما قال تعالى في سورة طه: ﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠) ﴾ (٢) وكذلك تطلق الهداية في القرآن على المصير الحسن، الذي صار إليه الإنسان في آخر أمره، كما قال تعالى عن عباده المؤمنين: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ (٣) قالوه فيه الجنة لهذا، يعني الجنة.
.............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: للمتقين، ما المراد بالتقوى، مأخوذ من الفعل وقى، بمعنى أن يجعل الإنسان بينه وبين عذاب الله وقاية، بفعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، والتقوى قد جاءت النصوص بالأمر بها، وقد ورد معنا شيء من النصوص بالأمر في ذلك، في أول كلمتنا هذه.
وقوله هنا: هدى للمتقين، فيه دلالة على أن التقوى سبب من أسباب الهداية، كما في أول سورة البقرة ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) ﴾ (٤) فالتقوى سبب من أسباب الهداية، وقد تواترت النصوص بذلك، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ (٥) وقال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ (٦) إلى غير ذلك من النصوص، فحينئذ من أسباب التعلم ومن أسباب فهم العلوم الشرعية، هو التزام طاعة الله - عز وجل - فمن التزم التقوى والطاعة، أفهمه الله علوم الشريعة.

(١) - سورة الأعلى آية : ٣.
(٢) - سورة طه آية : ٥٠.
(٣) - سورة الأعراف آية : ٤٣.
(٤) - سورة البقرة آية : ٢.
(٥) - سورة الأنفال آية : ٢٩.
(٦) - سورة البقرة آية : ٢٨٢.


الصفحة التالية
Icon