وأشهد أن لا إله إلا الله أشهد، بمعنى أقر وأعترف وأعلم، والأصل في الشهادة أن يكون لما شوهد وعوين بالعين، هذا الأصل فيها؛ ولذلك يقال: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾ (١) فالغيب ما غاب عنا، والشهادة ما شهدناه، وأحسسنا به بحواسنا، ولكن لما كان هذا الأمر متيقنا يقينا جازما لا شك معه، أصبح الإقرار بذلك والاعتراف به، بمثابة المشاهد عيانا.
ألا إله: إله بمعنى معبود، خلافا للطوائف الأخرى، أنتم تعرفون أن الحلولية يقولون: لا إله أي لا موجود إلا الله، وهذا كلام خاطئ، وخلافا للمعتزلة الذين يفسرون هذه الشهادة، بنفي الصفات أي لا قديم إلا الله، فصفاته ليست قديمة، وخلافا للأشاعرة الذين يفسرون هذه الشهادة بتوحيد الربوبية، أي لا خالق ولا رازق إلا الله، وكل هذه خطأ، على خلاف مدلول لغة العرب؛ ولهذا لما دعا النبي - ﷺ - قريشا إلى قول لا إله إلا الله، قالوا: ﴿ أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا ﴾ (٢)،
............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مما يدل على أن قول هذه الطوائف كلها قول خاطئ، مخالف لمدلول هذه الآية، فيكون المراد بقوله: لا إله إلا الله، يعني لا معبود بحق إلا الله.
ويتضمن ذلك أيضا الإقرار بذلك، والعمل به، فكأنه يقول لا معبود ولا يستحق أحد العبادة إلا الله، وكذلك لا أعبد إلا الله؛ لأن من عبد غير الله، ولو كان يقر باستحقاق الله بالانفراد بالعبادة، فإنه لا يغني عنه ذلك شيئا؛ ولذلك ذكروا أن هذه الشهادة لها شروط:
(٢) - سورة ص آية : ٥.