الأمر الثاني: مما يشترط على المفسر أن يعرفه: معاني الأسماء والأفعال، فما هو المراد بهذا الاسم وما هو المقصود بهذا الفعل، هذا مما يشترط على المفسر أن يعرفه، وهذه الأمور يرجع فيها إلى أهل اللغة، أهل اللغة يراد بهم العرب الفصحاء، أو من نقل كلام العرب الفصحاء من المؤلفين في المعاجم اللغوية.
ومنه -يعني من الشروط التي لا بد على المفسر من معرفتها-: معرفة ما وضع له الضمير وما يعود عليه، فيعرف الضمير هل وضع للمفرد أو للجمع، للمذكر أو للمؤنث، للحاضر المخاطب أو الغائب، ويعرف عود الضمير إلى من يعود، والأصل في الضمائر أن تعود إلى أقرب مذكور ما لم يدل السياق على غير ذلك، وقد يكون الضيم عائدا إلى اسم ظاهر سابق للضمير، كما في قوله: ﴿ * وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ ﴾ (١) الهاء تعود على إيراهيم المذكور، أو قد يكون الضمير عائدا إلى اسم متضمن في السياق وإن لم يكن موجودا، مثل قوله: ﴿ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾ (٢) ظهرها يعني ظهر الأرض، ولم يوجد ذكر سابق للأرض، وإنما يفهم بدلالة السياق، بل يكون الضمير عائدا إلى اسم مذكر بعده، كما في قوله -تعالى-: ﴿ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧) ﴾ (٣) في نفسه الهاء تعود على موسى المذكور متأخرا، والنظر في الضمائر وعودها مما يخدم المفسر كثيرا، ومن أعظم أسباب الخطأ في التفسير عدم معرفة ما يعود إليه الضمير.
وكذلك على المفسر أن يعرف التذكير والتأنيث، ويفرق بينهما، وهل هذه الأسماء مذكرة أو مؤنثة، وكذلك يعرف التعريف والتنكير، ما هي وسائل التعريف؟ وما هي المعارف؟ الضمائر معارف، وما فيه "أل" معرفة، والمضاف إلى معرفة معرفة؛ وذلك لأنه يترتب عليه معرفة معنى الكلام، ويختلف المعنى بسبب اختلاف كونه
................................................................................................................

(١) - سورة البقرة آية : ١٢٤.
(٢) - سورة فاطر آية : ٤٥.
(٣) - سورة طه آية : ٦٧.


الصفحة التالية
Icon