وهذا الكتاب العظيم القرآن الكريم، يمكن أن نتوجه إليه من خلال قراءة آياته، فإن القراءة يثاب المرء عليها بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وكذلك نتوجه إلى هذا الكتاب من خلال حفظه، فالله - عز وجل - قد وصف الذين أوتوا العلم أن هذا الكتاب في صدورهم ﴿ بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ (١) وكذلك ورد في الحديث أن " القلب الذي ليس فيه شيء من القرآن، كالبيت الخرب " ويمكن أن نتوجه إلى هذا الكتاب العظيم كتاب الله - عز وجل - من خلال تدبر معانيه، ومعرفة المراد به، وقد عاب الله - عز وجل - على الذين لا يتدبرون القرآن، قال -جل وعلا-: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤) ﴾ (٢) وقال سبحانه: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢) ﴾ (٣).
ويمكن أن نطيع الله - عز وجل - من خلال العمل بهذا الكتاب، والتمسك بما جاء فيه، من أوامر مع الانتهاء عن نواهيه، وحينئذ لا يمكن أن نعمل بما في الكتاب، إلا إذا عرفنا المعاني التي يحتوي عليها هذا الكتاب، ومن ثم اهتم العلماء ببيان معاني القرآن وتفسيره، وبيان مراد الله - عز وجل - به، وألفت المؤلفات في تفسير القرآن من العهود الأول، ومن أوائل من عرف عنه التدوين في تفسير القرآن الإمام مقاتل المتوفى سنة مائة وخمسين، ومن أوائل الكتب التي وصلت إلينا تفسير سفيان، وتفسير النسائي ومن أعظم الكتب في ذلك وأجمعها، كتاب تفسير ابن جرير الطبري، المتوفى سنة ثلاثمائة وعشر للهجرة، وحينئذ استفاد العلماء من هذه المؤلفات، وجمعوا ما ورد في معاني القرآن من خلال كتب التفسير.
(٢) - سورة محمد آية : ٢٤.
(٣) - سورة النساء آية : ٨٢.