والشهادة بهذه الشهادة، شهادة أن لا إله إلا الله، قد شهد الله - عز وجل - بها، وشهد بها الملائكة، وشهد بها العلماء، قال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ $JJح !$s% بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) ﴾ (١).
وهذه الشهادة لا تكفي وحدها، بل لا بد معها من الشهادة الأخرى، بعد بعثة النبي محمد - ﷺ - وهي الشهادة لنبينا محمد - ﷺ - بالرسالة؛ ولذلك قال المؤلف بعده: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، والعبودية مقام عظيم، مقام شريف؛ ولذلك وصف الله نبيه محمدا - ﷺ - بهذا الوصف، في أعظم المنازل، وفي أرفع الدرجات، وصفه عند إنزال الكتاب: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾ (٢) وصفه بذلك عند الإسراء والمعراج ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ (٣).
وهذا الوصف وصف العبودية ليس خاصا بالنبي - ﷺ - ولكنه أيضا شامل لجميع الناس، فإن العبودية -كما تعلمون- على صنفين، عبودية عامة لجميع المخلوقات المؤمن والكافر، وعبودية خاصة لأهل الإسلام والإيمان، والمراد هنا بهذا اللفظ ما يشمل المعنيين، لكن هذا المعنى ليس خاصا بالنبي - ﷺ - فكل مسلم مؤمن موحد، فهو عبد لله -سبحانه وتعالى- بالعبوديتين؛ فلماذا عُبر بالعبودية في الشهادة؟ للعلماء في ذلك قولان، قيل: لنفي الغلو، لئلا يوجد في الأمة من يغلو في النبي - ﷺ - فيعتقد أنه فوق منزلته.
القول الثاني: أن وصف النبي - ﷺ - بالعبودية؛ من أجل كونه خير من قام بحقوق العبودية؛ فلذلك وصف بها.
.................................................................................................................
(٢) - سورة الكهف آية : ١.
(٣) - سورة الإسراء آية : ١.