تنزيل القرآن، أجمعوا على أن القرآن كلام الله حقيقة، منزل غير مخلوق، سمعه جبريل من الله، وسمعه محمد من جبريل، وسمعه الصحابة من محمد - ﷺ - وهو الذي نتلوه بألسنتنا، وفيما بين الدفتين، وما في صدورنا مسموعا ومكتوبا ومحفوظا، وكل حرف منه كالباء والتاء، كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وهو كلام الله حروفه ومعانيه، ليس الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف، وبدّعوا من قال: إنه فاض على نفس النبي من العقل الفعال، أو غيره كالفلاسفة والصابئة، أو أنه مخلوق في جسم من الأجسام، كالمعتزلة والجهمية، أو في جبريل أو محمد أو جسم آخر غيرهما، كالكلابية والأشعرية، أو أنه حروف وأصوات قديمة أزلية كالكلامية، أو أنه حادث قائم بذات الله ممتنع في الأزل، كالهاشمية والكرامية، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فجهمي، أو غير مخلوق فمبتدع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال المؤلف هنا: تنزيل القرآن، يعني أن هذا القرآن منزل من عند الله -سبحانه وتعالى-، وسيذكر في هذا الفصل أقوال أهل العلم، وأقوال الناس في هذه المسألة، أجمعوا: المراد بالإجماع الاتفاق، اتفاق مجتهدي أمة محمد - ﷺ - بعد وفاته، في عصر من العصور على حكم شرعي، هذا هو المراد بالإجماع، والواو هنا واو الجماعة تعود على أحد أمرين، إما على الصحابة -رضوان الله عليهم- وإما على أهل المعتقد الصحيح، أو يكون المراد الجميع، الصحابة والسلف ممن سار على منهجهم وطريقتهم.
على أن القرآن كلام الله حقيقة، فالقرآن أراد به المؤلف هذا الموجود بين أيدينا، كما قال سبحانه: { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
................................................................................................................