هو الذي نتلوه بألسنتا، فالمتلو حقيقة هو كلام الله، وهو المسموع كما في قوله تعالى: ﴿ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ ﴾ (١) ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا ﴾ (٢) ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ ﴾ (٣) فهذا المتلو هو القرآن، الذي هو كلام الله، وهو المسموع ثم قالوا بعد ذلك: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى ﴾ (٤) وقالوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (١) ﴾ (٥) فالمسموع هو كلام الله - عز وجل - حقيقة.
................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الذي نتلوه بألسنتنا، وفيما بين الدفتين، يعني أن هذا الموجود بين الدفتين، هو كلام الله والدفتان هما غلافا المصحف، اللذان يكونان في أوله وفي أخره؛ لحفظه وصيانته، فما بين الدفتين هو كلام الله -سبحانه وتعالى-، وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "القرآن هو ما بين الدفتين".
قال: وما في صدورنا، يعني أن الذي يوجد في الصدر هو كلام الله حقيقة، وهو القرآن حقيقة، مسموعا: يعني أن هذا المسموع هو كلام الله، ومكتوبا: يعني أن المكتوب هو كلام الله، ومحفوظا: المحفوظ في الصدور هو كلام الله -سبحانه وتعالى-، وكل حرف من هذا القرآن مثل الباء والتاء، هو من كلام الله - عز وجل - كان الأولى بالمؤلف أن يجعل من قبل كلام الله التبعيضية؛ لأن ليس كل كلام الله هو حرف الباء والتاء، أو يقول: وكل حرف منه كلام لله، وإن كان أهل اللغة لا يرتضون ذلك؛ لأن الكلام عندهم هو اللفظ المفيد، كما قال ابن مالك:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم
(٢) - سورة الأحقاف آية : ٣٠.
(٣) - سورة الأحقاف آية : ٢٩.
(٤) - سورة الأحقاف آية : ٣٠.
(٥) - سورة الجن آية : ١.