فلو قال: كالباء والتاء من كلام الله، لكان أولى والأحسن، غير مخلوق: يعني أن كلام الله -سبحانه وتعالى- غير مخلوق، كما قال -جل وعلا-: ﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ (١) فدل ذلك على أن الأمر مغاير للخلق.
قوله: منه بدأ: يعني منه ظهر، ظهر منه -سبحانه وتعالى- فهو المتكلم به، وإليه يعود: يعني يرفع من الصدور والمصاحف في آخر الزمان، فلا يبقى منه آية كما وردت بذلك بعض الآثار، وهذا اللفظ منه بدأ وإليه يعود، ورد عن بن عباس - رضي الله عنه - بإسناد جيد، وهو كلام الله: يعني أن هذا القرآن هو كلام الله -سبحانه وتعالى-، حروفه ومعانيه، فليس الحروف هي وحدها كلام الله، دون المعاني، وليست المعاني دون الحروف، هي كلام الله -سبحانه وتعالى-، وحينئذ نعرف أن الكلام يشمل أمرين، الحروف والأصوات، ويشمل أيضا المعاني هذا مفهوم الكلام، فلو وجدت معاني بدون أصوات وحروف، فإنه لا يكون كلاما؛ ولذلك لماذا ذكر الله - عز وجل - مريم عليها السلام أمرها ﴿ فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) ﴾ (٢) ثم بين أنها خرجت لقومها، وأنها أشارت إليهم،
...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فوجود الإشارة يدل على وجود معنى، ومع ذلك لم يسم كلاما منها، ولم تكن حانثة في قسمها.
(٢) - سورة مريم آية : ٢٦.