والقول الثاني: أن القرآن مخلوق في جسم من الأجسام، وأن كلام الله مخلوق في جسم من الأجسام، وهذا قول المعتزلة، والمعتزلة سُموا معتزلة؛ لأنهم اعتزلوا مجلس الحسن البصري، لما قالوا بتخليد فاعل الكبيرة، والجهمية أتباع جهم بن صفوان، فهؤلاء ينكرون أن يكون الله متصفا بصفة الكلام، ويقولون: وصف الله أو إسناد الكلام إلى الله بمثابة قولنا: ناقة الله، أو بيت الله، فإن الناقة والبيت مخلوقة، فكذلك الكلام ولا شك أن
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذا كلام خاطئ؛ لأن الكلام معنى، وبيت الله، وناقة الله، أعيان، وفرق بين إضافة الأعيان، وإضافة المعاني، فالأعيان إذا أضيفت إلى الله فإنها مخلوقة، أما المعاني فإنها إذا أضيفت إلى الله فإنها ليست مخلوقة، مثل وجود الله، حياة الله، علم الله، إلى غير ذلك.
وهم قالوا بأن الذي حملهم على ذلك تنزيه الله -سبحانه وتعالى- من مماثلة المخلوقين؛ لأن المخلوقين يتصفون بصفة الكلام، وتنزيها لله عن مماثلة المخلوقين، نقول: بأنه لم يتصف بهذه الصفة، وهذه الحجة ليست بلازمة؛ لأننا لم نكيف هذه الصفة، ونقول بأنها مماثلة، ولم نمثلها، ونقول بأنها مماثلة لكلام المخلوقين، فإننا نقول كلام يليق بالله -سبحانه وتعالى-، ليس مماثلا لكلام المخلوقين.