الطائفة الخامسة: بعض هذه الطائفة يستدلون بقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) ﴾ (١) قالوا: فدل ذلك على أنه قديم، إذ كونه في زبر الأولين، دليل على قدمه، والصواب أن المراد بهذه الآية ذكر هذا الكتاب ﴿ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) ﴾ (٢) يعني أن ذكر هذا الكتاب في زبر الأولين، ووصف هذا الكتاب والأخبار به، والبشارة به موجودة في الصحف الأولى، كما في قوله تعالى عن نبينا - ﷺ - :﴿ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ (٣) وأنتم تعلمون أن حضور الأعيان قد يكون حضورا بعينه، وذكر الأعيان، قد يكون ذكرا للأعيان بذاتها، وقد يكون حضورا ذهنيا لها، فنستحضر صورة الشيء، وقد أتكلم به باللسان، وقد أكتبه فيكون حضور الأعيان حينئذ حضورا على هذه الأمور الأربعة، فمنزلة الوجود وأقسامه،
................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وجود الأعيان على أربعة أقسام، وجود عيني بذاتها، ووجود بالأذهان، وجود ذهني، ووجود لساني، ووجود كتابي.
القول الخامس: أن كلام الله حادث قائم بذات الله، ممتنع في الأزل: يعني أنه لا يوجد في الأزل كلام لله - عز وجل - وهذا قول الهاشمية والكرامية، فهم يقولون: إن الله لم يكن متكلما في الأزل، ثم حدثت له صفة الكلام بعد ذلك، وهذا القول لا شك أنه خطأ؛ لأن الله - عز وجل - لم يزل موجودا بصفاته.

(١) - سورة الشعراء آية : ١٩٦.
(٢) - سورة الشعراء آية : ١٩٦.
(٣) - سورة الأعراف آية : ١٥٧.


الصفحة التالية
Icon