أولا: بيان إعجاز القرآن، وأن هذا الإعجاز ليس منحصرا في السور الكبار، فقد تحدى الله - عز وجل - العرب في الإتيان بسورة من مثل هذا الكتاب، والسورة كما تشمل السور الطوال تشمل أيضا السور القصار، فالإعجاز يبلغ مداه في التحدي بتحدي العرب بالإتيان بسورة واحدة ولو كانت مماثلة في الحجم لسور القرآن الصغار.
ومن الحكمة في وضع القرآن على جهة السور: رفع السآمة عن قارئ القرآن؛ فإنه متى رأى القارئ أنه قد قطع شيئا من قراءة القرآن فإن نفسه تنشط، ويكون لديه رغبة في الازدياد.
ومن حِكم تقسيم القرآن إلى سور: مخاطبة كل بما يناسبه، فنجد سورا تناسب في خطابها لمن كان عاصيا، وسورا تخاطب من كان راغبا في الطاعة، ونجد سورًا تخاطب من كان مخالفا لدين الإسلام، فهذا القرآن بسوره المتعددة يخاطب كلا بما يناسبه.
والملاحظ في القرآن أن لكل سورة موضوعا أساسيا تهتم به؛ ولذلك مثلا نجد في سور القرآن أنها تعرض لقصص الأنبياء، لكنها في كل سورة تعنى بالتركيز على جانب من الجوانب.
فمثلا تجد في سورة البقرة العناية بقضية إحياء الموتى، وأن الله -سبحانه وتعالى- قادر على ذلك، ولذلك ذكر قصصا عديدة فيها إحياء الموتى في هذه السورة، أولها قصة البقرة عندما ذبحها بنوا إسرائيل فأحياها الله، ثم بعد ذلك قصة صاحب القرية، وقصة إبراهيم مع ملك زمانه، وقصة إبراهيم مع الطير، ونحو ذلك.
نجد مثلا في سورة الأنبياء والتركيز على قضية الدعاء، وأن الأنبياء دعوا فاستجاب الله - عز وجل - لدعائهم، وهكذا إذا تأملنا في سور القرآن وجدناها تركز على موضوع أساسي، ثم تورد من قصص الأنبياء ما يخدم ذلك الموضوع.
ومن حكم جعل القرآن على سور تيسير حفظه؛ لأنه لو كان سورة واحدة لصعب علينا الحفظ، لكن من فضل الله ورحمته أنه جعل القرآن مقسما إلى سور ليسهل الحفظ.