ويدل على هذا قوله -سبحانه: ﴿ وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦) ﴾ (١) وقوله: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ﴾ (٢) والمراد بالمحدث: الذي أنزل جديدا؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- كان يتكلم بالقرآن وينزله شيئا بعد شيء.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ونمثل لهذا بمثال -ولله المثل الأعلى- كتابة أعمال العباد، كان الله - عز وجل - قد كتبها في اللوح المحفوظ قبل أن يعملها العباد، ثم أمر الملائكة بعد ذلك بكتابة أعمال العباد بعد أن يفعلوها، كما قال جل وعلا ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢) ﴾ (٣).
ومن هنا نعلم خطأ من قال: إن جبريل -عليه السلام- نقل القرآن من اللوح المحفوظ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، أو من هذا المكتوب الموجود في بيت العزة في السماء الدنيا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم.
وقد ألف الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى- رسالة في بيان خطأ هذا القول وبيان مخالفته لمعتقد أهل السنة والجماعة.
ومن فوائد كون القرآن منجما: تثبيت فؤاد النبي - ﷺ - وتثبيت فؤاده - ﷺ - يحصل بأمرين:
الأول: تقوية قلبه ضد الشبهات التي قد تعرض له من وساوس الشياطين.
والثاني: زيادة حفظه للقرآن؛ لكون القرآن غير مكتوب، فحينئذ ناسب أن يفرق من أجل أن يتمكن من حفظه.
(٢) - سورة الأنبياء آية : ٢.
(٣) - سورة الانفطار آية : ١٠-١٢.