هذا لا يقولنه هم، وإنما يفسرون قول النبي - ﷺ - :"أنزل القرآن على سبعة أحرف" فإذا أتينا بمعنى من عند أنفسنا فإن هذا المعنى لم ينزل به وحي، والحديث نص على أن هذه الأحرف السبعة نازلة من عند الله "أنزل"،
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهؤلاء الصحابة أيضا أتوا بهذا التمثيل لبيان أن هذه الأحرف السبعة غير متضادة ولا متقابلة، وأنها متفقة في المعنى وإن وقع فيها اختلاف.
وليس المراد عندهم هذه الألفاظ بخصوصها "هلم وأقبل" وإنما مرادهم التمثيل، ولو أتي بمثل "فتثبتوا" وقراءة "فتبينوا" لكان أوضح وأولى؛ لأن كلا منهما دال على نفس المعنى وكلاهما نازل، وقد ورد كلاهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم. المقصود أن مثل هذا القول لا يدل على أن هؤلاء الصحابة يجيزون رواية القرآن بالمعنى.
"وكتب في الرقاع وغيرها في عهد النبوة" يعني أنه في عهد النبي - ﷺ - كتب في الرقاع والعسف، وكان موجودا في صدور الرجال، ثم بعد ذلك في عهد أبي بكر كتب في الصحف؛ وذلك أنه أتى عمر - رضي الله عنه - بأبي بكر وقال إن القتل استحرّ في قُراء القرآن، وذلك بعد معارك اليمامة، وإني أخشى أن يذهب القرآن، فإن مواطن الجهاد يخشى أن يستحر القتل فيها بالقراء.
وإني أرى أن نأمر بالقرآن أن يكتب وأن يجمع، فلم يزل عمر يكرر هذا القول على أمير المؤمنين أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - حتى شرح الله صدره لذلك، فأمر زيد بن ثابت فجمعه من العسف واللحاق وصدور الرجال، وسجلت في هذه الصحف.
والقرآن قد جمعه وحفظه في عهد النبوة جماعة، فليس معناه أن القرآن لم يكن محفوظا قبل هذه الصحف، وإنما كان موجودا في صدور الرجال، وقد حفظه في عهد النبوة جماعة وبعد ذلك العهد حفظه جماعات.