قال: "أو إجماع" يعني: أن عموم الآية يخصص بواسطة الإجماع، ومن أمثلته آيات المواريث عامة ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ (١) "أولادكم" جمع مضاف إلى معرفة فيفيد العموم فخص بالإجماع في الرقيق؛ لأن الابن الرقيق لا يرث من والده بالإجماع، فخص عموم الآية بالإجماع، ومنه قوله -جل وعلا: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ﴾ (٢) فإن "ماء" نكرة في سياق النص فأفادت العموم، فخص بالإجماع بالماء المتغير بنجاسة فإنه لا يجوز الوضوء به.
قال: "ومن خاص القرآن ما كان مخصصا لعموم السنة" يعني: قد تأتينا سنة عامة ثم بعد ذلك نخصصها بآية قرآنية خاصة، ومن أمثلته قوله -صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس " "الناس" عام جمع أو اسم جنس معرف بـ "أل" الجنسية فيفيد العموم فخص بقوله -تعالى: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩) ﴾ (٣) ما استثنت دافعي الجزية من المعاهدين فإنهم لا يقاتلون.
ومن أمثلته ما ورد في الحديث: " ما أبين من حي فهو ميت " فهذا عام "ما أبين" اسم مبهم ثم خصص بقوله -تعالى: ﴿ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا ﴾ (٤) دل ذلك على أن الأصواف المأخوذة من الحيوان الحي يجوز استعماله، ومن ذلك أيضا ما ورد في الحديث أن النبي - ﷺ - نص عن الصلاة في أوقات معينة، ثم خصصنا هذا
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(٢) - سورة النساء آية : ٤٣.
(٣) - سورة التوبة آية : ٢٩.
(٤) - سورة النحل آية : ٨٠.