النوع الثالث: ما نُسِخَ حكمه وبقيت تلاوته، ومن أمثلته آية المصابرة التي ذكرتها قبل قليل ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ﴾ (١) نسخت بالآية التي بعدها، وقوله سبحانه: ﴿ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ (٢).
قال: "وصنفت فيه الكتب" يعني أن العلماء قد صنفوا مصنفات، وألفوا مؤلفات في الناسخ والمنسوخ، وقد وُجد هذا في العصر الأول، وهو قليل، يعني أن النسخ بالنسبة للشريعة قليل، وأغلب آيات القرآن محكمة باقية على العمل بها، على مشروعية قراءتها، ومشروعية العمل بها.
قال: "ولا يقع إلا في الأمر والنهي ولو بلفظ الخير"، يعني أن النسخ لا يكون إلا في الأوامر والنواهي؛ وذلك لأن المراد بالنسخ رفع حكم ثابت سابقا، والأحكام تكون في الأوامر والنواهي، ولا يكون في الأخبار؛ لأنه يلزم لرفع الخبر أن يكون خبر الله كاذبا، فلو قلت: محمد جاء، ثم نسخنا هذا الخبر لكان.
قال: "ولا يقع إلا في الأمر والنهي، ولو بلفظ الخبر"، يعني أن النسخ لا يكون إلا في الأوامر والنواهي؛ وذلك لأن المراد بالنسخ، رفع حكم ثابت سابقا، والأحكام تكون من الأوامر والنواهي. ولا يكون في الأخبار، لأنه يلزم لرفع الخبر، أن يكون خبر الله كاذبا، فلو قلت: محمد جاء، ثم نسخنا هذا الخبر: محمد لم يأت، يكون الخبر الأول كاذبا، والله -سبحانه وتعالى- منزه عن النقائص، ومنها الكذب.
قال: "ولو بلفظ الخبر"، يعني أن الأوامر والنواهي، إذا كانت بلفظ الخبر، جرى فيها النسخ، ومن أمثلته: قوله سبحانه: ﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ﴾ (٣) هذا خبر، لكنه ليس المراد به الخبر، وإنما المراد به الأمر.
.................................................................................................................
(٢) - سورة المجادلة آية : ١٢.
(٣) - سورة الأنفال آية : ٦٥.