ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكون الأخبار لا يقع فيها النسخ، مذهب جماعة من الأصوليين، وذهب آخرون إلى أن الأخبار تنقسم إلى قسمين: أخبار آتية، وأخبار ماضية؛ فالأخبار الماضية لا يقع فيها النسخ، والأخبار الآتية قد يقع فيها النسخ، ولذلك قد يعفو الله عن العبد يوم القيامة، مع ورود الوعيد في حقه، واستدلوا على ذلك بقوله سبحانه: ﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ (١) وهنا خبر بإثبات المحاسبة لِما ظهر، ولِما خفي في النفس.
ثم نزلت الآية التي بعدها: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ (٢) فنسخت الآية السابقة، فحينئذ لا يؤاخذ الله إلا بما أظهره العبد. فهذا أثبت فيه الدليل الشرعي نسخا، مع كونه خبرا، وهذا خبر فيما يأتي، وهذا القول له قوته.
هذا ما يتعلق بشيء من مباحث النسخ، والأصوليون يستطردون في مباحث النسخ، ويذكرون له تقسيمات وأنواعا عدة، يترك البحث فيها لأهل البحث في العلم.

(١) - سورة البقرة آية : ٢٨٤.
(٢) - سورة البقرة آية : ٢٨٦.


الصفحة التالية
Icon