ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ ﴾ (١) الراسخون في العلم: بمعنى الذين ثبت في قلوبهم العلم؛ بحيث لا تستهويهم الشبهات، يقال: رسخ في كذا؛ بمعنى ثبت فيه، ولم يتحرك منه، فالراسخ في العلم، يراد به الثابت؛ بحيث لا تستهويه الشبهات، لوجود علم يقيني لديه، وقال بعضهم: المراد بالراسخ في العلم، الذي يتمكن من استخراج الأحكام من الأدلة الشرعية، ولكن المعنى الأول أوضح وأظهر، وهو الذي تدل عليه اللغة، والواو هنا وقع الخلاف بينهم ﴿ وَالرَّاسِخُونَ ﴾ (٢) هل هي استئنافيه، فيكون الراسخون مبتدأ، وجملة يقولون خبر، وهذا أظهر قوليْ أهل التفسير، أو تكون الواو عاطفة؛ بمعنى أن الراسخين في العلم، يعلمون تأويله، فيكون التأويل هنا حينئذ يراد به التفسير، وجملة يقولون آمنا به، حالية على التفسير التالي.
وجمهور المفسرين من الصحابة، والتابعين على الاختيار الأول، قالوا: واستئنافيه، قال المؤلف: "ولم ينف عنهم" يعني أن الله - عز وجل - في هذه الآية لم ينف عنهم؛ يعني عن الراسخين علم معنى الكتاب، وإنما أثبت أنهم يجرمون به، ويؤمنون به، ويوقنون به، ويدل على أنهم يعرفون معناه، أن الله أمر بتدبر آيات القرآن، وهم يطيعون أمر الله -سبحانه وتعالى-.
ثم انتقل المؤلف بعد ذلك إلي مسألة، وهي: هل المتشابه يراد به آيات الصفات؟ أو أن المتشابه من أمثلته آيات الصفات؟ وذلك أن بعض المؤمنين رأى أن آيات الصفات من المتشابه، كما قاله الشيخ الموفق ابن قدامة؛ حيث مثّل للمتشابه بآيات الصفات، وقد قال العلماء بأن هذا يحتمل معنيين:

(١) - سورة آل عمران آية : ٧.
(٢) - سورة آل عمران آية : ٧.


الصفحة التالية
Icon