قال الشيخ: "ولا أعلم أن أحدا من السلف"، يراد بالسلف: متقدمو هذه الأمة، من أهل القرون المفضلة، وقد يدخل في هذا اللفظ من تبعهم، فينسب إليهم. قال: ولا أعلم أن أحدا من السلف جعلها؛ يعني جعل آيات الصفات من المتشابه الداخل في هذه الآيات، وذلك لأن آيات الصفات كلام عربي، والكلام العربي يحمل على حقيقته، وعلى ظاهره، ولا يصرف عن ظاهره إلا بدليل؛ وذلك لأن الله خاطب العرب بلغتهم، فإذا أردنا أن نفهم مراد الله، وجب علينا أن نفسر كلام الله - عز وجل - بمقتضى اللغة، ومن ثم، لا يصح لنا أن نجعل آيات الصفات من المتشابه، لأننا نفسرها بدلالة اللغة، ونثبت المعنى الذي يدل عليه لفظ آيات الصفات من جهة اللغة.
قال: وعندهم -يعني وعند السلف- قراءتها: تفسيرها؛ يعني أن قراءة آيات الصفات: هو تفسيرها؛ يعني هو التفسير، وهو المعني المراد بهذه الآيات، بحسب دلالة اللغة، وحينئذ لا نحتاج إلى صرفها عن معناها الظاهر، أو عن معناها اللغوي، بل نثبت هذه الصفات بحسب مدلولها اللغوي، على وجه يليق بالله -سبحانه وتعالى- "وتمر"؛ يعني آيات الصفات كما جاءت؛ يعني أنها تجري على ظاهرها، وتفسر بحسب دلالتها في اللغة، فقوله: "تمر كما جاءت" فيه رد على المؤولة، الذين يصرفون آيات الصفات عن المعاني اللغوية لها، فمثلا: يقولون: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) ﴾ (١) قالوا: المراد به: جرحه بجروح الحكمة ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) ﴾ (٢)؛ بمعنى استولى. ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ (٣) ؛ بمعنى وجاء ربك. هذا كله من التأويل،
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(٢) - سورة طه آية : ٥.
(٣) - سورة الفجر آية : ٢٢.