مثال ذلك: جاء في الحديث: " أن رجلا واقع أهله في نهار رمضان، فقال له النبي - ﷺ - أعتق رقبة " فلفظة رقبة، يراد بها أي رقبة، ولم يذكر معه أي قيد، فلما جاء في النصوص الأخرى تقييده بكونه مؤمنا، وكونه سليما، تركنا ظاهر اللفظ؛ يعني ظاهر اللفظ في قوله: أعتق رقبة، أن أي رقبة تجزئ، فتركنا هذا الظاهر، من أجل معارض راجح، فقلنا: لا بد أن تكون هذه الرقبة مؤمنة.
ومثله: قوله سبحانه: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ (١) ظاهر هذا اللفظ، وإطلاقه يقتضي أن صيام أي أيام يجزئ، فجاءنا في الحديث تقييد ذلك بعدد من الصفات؛ منها أن يكون المرء -مثلا- ناويا للصيام، فإذا صام القضاء بدون نية مبيتة، فإنه حينئذ لا يصح صيامه، ولا يقع عن القضاء، وبذلك تعرف الفرق بين العام، والمطلق؛ فالعام: لفظ مستغرق لجميع أفراده، مثل قولك: الناس؛ يشمل جميع الأفراد، أما المطلق؛ فإنه لفظ يدل على الماهية المجردة؛ بحيث يصدق على واحد فقط، مثل: لفظ إنسان، فإذا قلت: رأيت إنسانا، فإنه يصدق على الواحد، وإذا قلت: أعط إنسانا كذا، فإنه يصدق على أي واحد، فيكون مطلقا.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أما إذا قلت: أعط الناس، فإنه يشمل جميع الأفراد، فيكون هذا اللفظ عاما، فالمراد أن اللفظ العام مستغرق لجميع الأفراد، وأن اللفظ المطلق دال على أصل الماهية فقط؛ بحيث يصدق على فرد واحد شائع في جنسه؛ بحيث إذا وجد فرد واحد، أي فرد، فإنه يجزئ، فحينئذ العام في تأويل كل، تقول: أعط الناس؛ يعني أعط كل الناس.

(١) - سورة البقرة آية : ١٨٤.


الصفحة التالية
Icon