والمطلق في تأويل أي، فإذا قلت: أعط إنسانا؛ كأنك قلت: أعط أي إنسان، والفرق بين تخصيص العام، وتقييد المطلق، أن تخصيص العام هو قصر اللفظ على بعض أفراده، فهو متعلق بالذوات، أو بالأزمان، أو بالصفات والعامة، مثال ذلك: لما قال: "اقتلوا المشركين"، ثم جاءنا أن المعاهدين لا يقتلون، فالأول عام يشمل جميع الأفراد، ثم جاءنا في النص الآخر، أن المعاهد لا يقتل، فحينئذ نخصص اللفظ العام على بعض ذوات الداخلة فيه، فقوله: "اقتلوا المشركين"؛ بمعنى غير المعاهدين، هذا تخصيص، لأنه قصر اللفظ العام المستغرق على بعض ألفاظه.
وأما التقييد؛ فمتعلق بالصفات، والتخصيص يتعلق بالذوات والصفات، وأما التقييد فلا يتعلق إلا بالصفات، فلما قال: أعتق رقبة، قال بعد ذلك: هذه الرقبة؛ تكون مؤمنة، فلفظ الإيمان هنا صفة.
قال: "فإنه متشابه"؛ يعنى أن ترك ظاهر اللفظ العام، وجعله دالا على بعض الأفراد، دون جميعها. قال: هذا تشابه، والأصوليون لا يسمونه تشابها، وإنما يسمونه تأويلا؛ لأن صرف اللفظ عن ظاهره، يجعلونه من باب التأويل، والتشابه عندهم: تفسير اللفظ بمعنى غير مراد به، فلما فسرت: ﴿ إِنَّا نَحْنُ ﴾ (١) بأن المراد به الجمع.
فيكون الله ثالث ثلاثة، كما قال النصارى -تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرا- كان هذا من اتباع المتشابه. قال: "فإنه متشابه لاحتماله معنيين"، فإنه؛ أي هذا اللفظ، يمكن تفسيره بتفسيرين متغايرين، فلما تردد بين هذين التفسيرين إبقاؤه على عمومه، وشموله لجميع الأفراد، أو تخصيصه؛ بحيث يكون خاصًا ببعض الأفراد، دون جميعها، لما تردد بين هذين المعنيين، كان من المتشابه.
قال المؤلف: "وكذا المجمل"؛ يعنى أن المجمل من أنواع المتشابه، والعلماء في المجمل على منهجين: المنهج الأول يرى أن المجمل هو ما لا يدل على أي معنى، مثل كلمة: "دعب"، أو أي كلمة ليس لها أي معنى، فبعض
.................................................................................................................