ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأصوليين يجعل المجمل هو الذي لا يفهم له أي معنى، ومنه الألفاظ التي لم نفهم معناها، ومنها قوله: ﴿ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ (١) ما المراد بحقه؟ لا نعرفه، لا نعرف فيها أي معنى، هذا هو المنهج الأول في المجمل.
والمنهج الثاني: في المجمل أن المجمل هو اللفظ، الذي لم يعرف منه معناه تحديدا، سواء كان غير معلوم المعنى مطلقا، أو تردد بين معنيين، ولم نعرف المراد به، وعلى ذلك، فقوله سبحانه: ﴿ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ (٢) لفظ القرء، يحتمل أن يراد به الحيض، ويحتمل أن يراد بالقروء الأطهار، هذا اللفظ تردد بين هذين المعنيين.
فعلى القول الأول أن المجمل هو ما لا يُفهم منه أي معنى، فلا يكون لفظ القرء حينئذ مجملا لماذا؟ لأنه يفهم منه معان متعددة.
وعلى الاصطلاح الثاني، يكون هذا اللفظ من باب المجمل لماذا؟ لأنه تردد بين معنيين، لا مزية لأحدهما على الآخر.
وقال: "وإحكامه"؛ يعنى وإحكام اللفظ المتشابه. "برفع ما يتوهم فيه"؛ يعنى بإبطال المعنى المرجوح، وبيان أنه غير مراد باللفظ، "رفع ما يتوهم فيه من المعنى الذي ليس بمراد"، فلما جاءنا وفسر ﴿ إِنَّا نَحْنُ ﴾ (٣) بالجمع، هذا من باب اتباع المتشابه، فلما بيّنا له أن هذا اللفظ يطلق على التعظيم والتفخيم، يطلق على الواحد من جهة التعظيم والتفخيم، رفعنا المعنى الباطل، وأبقينا المعنى الصحيح الصائب، فيكون هذا من باب إحكام المتشابه. نعم.
التأويل

(١) - سورة الأنعام آية : ١٤١.
(٢) - سورة البقرة آية : ٢٢٨.
(٣) - سورة الحجر آية : ٩.


الصفحة التالية
Icon